يواجه بعض الأفراد حالات متكررة من الاكتئاب والقلق والتوتر النفسي، ومشكلات في التذكر والتركيز، ويعتقدون أن الأمر مرتبط بالحالة النفسية التي يعانونها، سواء كانت عرضية أو دائمة، إلا أن الطبيب والمستشار الطبي، الدكتور مارك هيمان، أكد في كتابة الأخير «ذ ألترا مايند سوليوشن»، أن الأسباب الحقيقية وراء تلك المشكلات المشتتة للتركيز، والمؤثرة في المزاج، والمسببة لمشكلات في السلوكيات والذاكرة، يمكن أن تكون فيزيائية، وتحديداً، يمكن تعزيز حالة الهدوء وسكون العقل، والثقة، والتركيز، والقدرة على التفكير الإيجابي.
يذكر هيمان الذي قدم في كتابه سبعة مفاتيح تساعد على صحة الدماغ، أن الدماغ، ذلك العضو البالغ نحو 1.4 كيلوغرام، جزء حساس جداً من جسم الإنسان، لذا يجب على المرء أن يكون متنبهاً لحاجاته، بهدف الوصول إلى الغايات الإيجابية المأمولة، من خلال التخلي عن المواد الغذائية العالية في محتواها من السكريات، والدهون المشبعة، والأطعمة المعالجة والمعلبة (والتي تحتوي على نحو 3500 إضافة غذائية ومواد كيماوية)، ما يعني أهمية اختيار الأطعمة العضوية، ولحوم مصدرها ماشية تناولت الحشائش والعشب، لتفادي إدخال المزيد من الهرمونات، والمضادات الحيوية، والكميات الهائلة من المواد الكيماوية للمبيدات التي تضح في هذه المواد الغذائية، والتي نستهلكها بكميات كبيرة كل عام.
1_الطعام المفيد
لتقوية نشاط الدماغ، يحتاج المرء إلى تناول طعام حقيقي وغير معالج، مثل القمح الكامل، والأطعمة العضوية، والمحلية معروفة المصدر، إضافة إلى التركيز على تناول الأطعمة المحتوية على الحمض الدهني «أوميغا 3»، والمكون لـ60٪ من الدماغ، من خلال تناول السردين، والسلمون البري، وسمك الرنجة، والبيض المعزز بالأوميغا ،3 وبذور الكتان، والجوز، إضافة إلى تناول البروتين في كل صباح ومع كل وجبة لتنشيط الدماغ، وتناول أطعمة مثل البيض، وزبدة المكسرات، مشروبات البروتين الطبيعية، البقوليات، والمكسرات، والبذور، واللحوم الخالية من الشحوم، إضافة إلى الخضراوات والفواكه الطازجة، وتحديداً تلك الملونة منها، وتلك المحتوية على مركبات تعين على محاربة الالتهابات طبيعياً ومحاربة السموم.
2_كيمياء الذهن
يبين هيمان في كتابه، أن الإنسان في عالمنا الملوث بالسموم، أصبح بحاجة إلى تناول المكملات الغذائية، «كوننا لم نعد نبحث ونصطاد طعامنا، ولأننا نعيش في بيئة ملوثة، وتحت الكثير من الضغوط اليومية، إذ تعتبر أنظمتنا الغذائية المستنزفة للطاقة، سبباً لأن يعاني 92٪ من الأفراد ضعف الأداء للأنشطة اليومية، وضعف نشاط الدماغ»، مشيراً إلى أن المعادن والفيتامينات، تقوم بتفاعلات كيماوية في الجسم والدماغ تعمل على تفعيل المزاج الفرح، وتخفيف الالتهابات في الجسم، وتعين على التخلص من السموم، وتنشيط الجسم، إضافة إلى الكثير من النتائج الصحية الأخرى.
وينصح هيمان بأهمية تناول جرعة من الفيتامينات المتعددة، و1000 ملليغرام من الأوميغا ،3 ومن فيتامين «دي3» 2000 وحدة، ومن الكالسيوم (600 ملليغرام)، ومن المغنيسيوم (400 ملليغرام)، إضافة إلى الفيتامين المقوي لنشاط الدماغ وهو أحماض الفوليك في فيتامين بي مثل فيتامين «بي6» وفيتامين «بي12» مع أهمية تناول الخمائر الصحية للحفاظ على صحة المعدة والأحشاء.
3_النوم الصحي
شدد الدكتور مارك هيمان، على أهمية التركيز على مصدر الماء الذي يتم شربه والتأكد من نقائه، والتوقف عن تناول الأدوية المضرة بالدماغ، إضافة إلى ارتداء خوذة لحماية الرأس عند ممارسة أي نوع من الرياضات التي قد تعرض الرأس لخطر الإصابة، معتبراً أن صحة الجسم تعني صحة الدماغ وبشكل أوتوماتيكي، وأن هناك سبعة أنظمة أساسية يجب تحقيقها بالشكل والصحيح والحفاظ على صحتها، للتمكن من الوصول إلى صحة الجسد والدماغ المثالية وتمكين أعضاء الجسم من أداء وظائفها بشكل مثالي، والتي تتمحور بالتغذية المثالية، التخلص من كل أنواع الالتهابات في الجسم، وموازنة الهرمونات، وتنظيم الهضم، وتقوية نظام التخلص من السموم في الجسم، وتعزيز طاقة ونشاط الاستقلاب، وتهدئة العقل. وأكد المؤلف أن تحقيق ذلك ليس بالأمر الصعب، والوصول إلى المفاتيح السبعة لتحقيقها يكمن باتباع خريطة صحية بسيطة، تبدأ بتناول الأغذية الصحية للدماغ، وتقوية العمليات الكيماوية في الدماغ من خلال المكملات الغذائية، النوم الصحي، والراحة الكافية، وممارسة الرياضة المفيدة للدماغ، والعيش ببساطة وبشكل بيئي صحي.
ينصح هيمان أولئك الذين يعانون مشكلات في النوم، أو البقاء نياماً، أو من يعانون الحصول على القدر الكافي منه، من تغيير نظرتهم للنوم، «انظر إلى النوم شيئاً مقدساً وثميناً، وبأنه جزء علاجي من يومك، وهيئ له بشكل جيد وحذر، من خلال تفادي كل الأسباب التي قد تعارض النوم، مثل الكافيين، والأدوية، والكحول، والسكريات، وإعادة الإيقاع إلى الجسم من خلال تعويده على التهيؤ للنوم والذهاب إلى السرير قبل الساعة 11 مساء، مع أهمية نوم ثماني ساعات، وتهيئة أجواء وبيئة هادئة ومعززة للاسترخاء، والحرص على تصفية الذهن، وكتابة كل ما يثير القلق وكل المهام التي يجب القيام بها في اليوم التالي، إضافة إلى أخذ حمام ساخن قبل النوم».
4_طقوس الاسترخاء
لكل شخص طريقته الخاصة للاسترخاء، وينصح هيمان بالتعرف إلى تلك الطقوس والخطوات الخاصة بكل فرد لتحقيق الاسترخاء المطلوب، وهو الأمر الذي غالبا ما يكون صعباً، إلا أنه يستحق العناء، إذ يكمن العلاج، والتجديد، والإصلاح، والإنتاج في هذه الكلمة والحالة البسيطة التي يمكن أن يعيشها الجسم لفترات بسيطة من اليوم.
ويقدم طريقتين مفيدتين للوصول إلى الاسترخاء، تكمن الأولى من خلال أخذ شهيق عميق لخمس ثوان ثم إخراجه وتكرار العملية خمس مرات، مع الحرص على القيام بذلك خمس مرات في اليوم، والطريقة الثانية هي من خلال أخذ حمام ساخن يضاف إليه كوبين من أملاح «إيبسوم»، وكوب من صودا الخبز، و10 قطرات من زيت اللافندر أو الخزامى، ونقع الجسم لـ20 دقيقة قبل النوم.
5_التمارين الرياضية
التأثير الإيجابي للتمارين الرياضية في جسم الإنسان، أمر معروف من الجميع، إلا أن هيمان يؤكد أن تأثيرها في الدماغ ذو وقع أكبر، إذ تعين الرياضة على تجديد وتقوية نشاط الدوائر العصبية والكيماوية في الدماغ، ما يعين على تقوية قدرات التعليم، والذاكرة، والتركيز، والانتباه، كما تعتبر التمارين الرياضية أفضل مضاد للاكتئاب ومضاد للتوتر التي يمكن الحصول عليها، وينصح هيمان بممارسة المشي السريع لـ30 دقيقة يومياً، وهو ما يكفي للحصول على صحة دماغ مثالية.
6_بيئة نظيفة
يوضح هيمان أن الدماغ عضو شديد الحساسية للسموم البيئية، والضغوط والموترات، وأن هناك ارتباطاً حميماً بين قدرتنا على الحفاظ على صحتنا واستمراريتها، وبين صحة البيئة المحيطة بنا وصحة كوكب الأرض، ويمكن للاختيارات البسيطة والصغيرة اليومية التي نقوم بها للحفاظ على البيئة، أن تسبب تغيرات كبيرة وإيجابية تعين على الحفاظ على البيئة وعلى صحة البشر، والعيش بطريقة صحية بيئيا تعتمد على شرب المياه النظيفة والمفلترة، وتقليص التعرض للمواد الكيماوية والمعادن من خلال تناول الطعام العضوي، واستخدام المواد المنزلية الصديقة للبيئة، والحفاظ على حركة ودوران السوائل في الجسم من خلال الإكثار من شرب الماء، وتناول الألياف، ما يعين على تخلص الجسم من السموم بشكل يومي وصحي وتقليص التعرض إلى الملوثات الإلكترونية والإشعاعات الإلكترونية المغناطيسية، بحسب هيمان.
7_الحفاظ على التغيرات
أكثر ما يجب الاهتمام به هو الحفاظ على هذه التغيرات والعمل على استمراريتها، والتي قد لا تكون معقدة كما تبدو، «فكل ما عليك فعله، هو تناول الطعام الطازج، الكامل، الطعام الحقيقي، وتفادي الأطعمة المعالجة والعالية في محتواها لشراب الذرة، وتفادي الدهون المشبعة، وتناول المكملات الغذائية، واعتماد النوم الجيد وتقنيات الاسترخاء عادة يومية، حرك جسمك، وعش صديقاً للبيئة»، وفق هيمان، الذي ذكر أنه وبمجرد اعتماد هذه الخطوات ستة أسابيع، «سيشعر المرء بتغييرات تبدأ بالشعور بالسعادة، وذاكرة أقوى، وطاقة متجددة، وخسارة في الوزن، وبشرة أنقى، ونوم صحي، والكثير من الفوائد الصحية الأخرى».